تطور مشهد الموضة والأزياء في السعودية

تطور مشهد الموضة والأزياء في السعودية

إن نسيج الإيكات متعدد الألوان  والحرير المغسول الذي يبعث على الراحة النفسية والكتان المخطط المطرز والطبعات الملونة النابضة بالحياة، والكاروهات أحادية اللون ذات الألوان الترابية، هي فقط بعض الأمثلة للأقمشة التي ترى الناس يرتدونها  في جميع أنحاء المدينة والتي صنعها أشهر المصممين في المملكة العربية السعودية. وعلى عكس الاعتقاد الشائع، فإن العباءة السوداء لا علاقة لها بالتراث السعودي والأزياء التقليدية. ففي الواقع، التراث والثقافة السعودية ثقافة غنية جدًا بالتطريز الملون والطبعات المحلية المميزة حتى أنك قد تظن خطئا عند رؤيتك لبعض هذه الأقمشة أنها الأقمشة التي يستخدمها Kenzo  أو Paco Rabanne. ومع كل هذا الإلهام الذي تمنحه الهوية السعودية، يصبح من الواضح أن الإبداع والألوان والحيوية كلها متأصلة فيها لكن كان يحجبها حجاب السياسة طوال الوقت.

 

Homegrown Market Tamara Abukhadra
Tamara Abukhadra at her store Homegrown Market in Jeddah.

منذ حوالي سبع سنوات، انتقلت عائدة إلى جدة بالمملكة العربية السعودية؛ وهي مدينة ساحلية كثيرا ما يتم تشبيهها بكاليفورنيا من حيث جغرافيتها ومناخها، ومع ذلك كان يسيطر عليها بحر من العباءات السوداء بدلاً من راكبات الأمواج اللاتي ترتدين المايوهات. حتى أن ارتداء عباءة باللون الكحلي في العمل كان يعتبر أمرا “استفزازيًا” و “يسعى لجذب للانتباه”. لكن اليوم، أصبح الكريب الأسود الكلاسيكي “الخامة التي تصنع منها العباءة” يعتبر خامة قديمة الطراز وعفا عليها الزمن. فقد اندلعت موجة من التعبير عن الذات واحترام هويتنا الفريدة من نوعها، ولم يكن هناك وسيلة لعرض هذا وإظهاره أفضل من الموضة والأزياء وخاصة العباءة؛ ملابسنا التي نرتديها بشكل أساسي. فعلى مدى السنوات السبع الماضية، أصبحت العباءات تتميز بالمزيد من الألوان وأصبحت أقل انغلاقا وأقصر وأكثر عملية؛ وبهذا  صارت قطعة يمكن ارتداؤها بسهولة في الخارج بدلاً من جاكت متوسط الطول. وأصبحت نادرا ما يتم ارتداؤها مغلقة بشكل كامل ولكن بدلا من ذلك يتم فتحها ويلبس تحتها الجينز والتيشيرت أو القفطان الفضفاض مع الأحذية المفتوحة من الخلف أو الصنادل أو الأحذية الرياضية. وهذا هو أكبر مؤشر على أن مشهد الموضة والأعراف الاجتماعية قد تغير بالفعل، ولكن ربما كان يلزم أن يتم الإصلاح الاجتماعي أولاً.

من خلال اتخاذ خطوات لتنويع وتحديث الاقتصاد القائم على النفط ، أنجبت رؤية 2030 (التي صدرت في عام 2016) عصرا من الابتكار والإبداع. ف70٪ من السكان أعمارهم أقل من 35 عامًا وروح المبادرة لديهم معدية ومزدهرة. وقد تم منح المبدعين الشباب دفعة من الثقة لعرض إبداعاتهم على المستهلكين الشباب الذين يتوقون إلى العلامات التجارية الجديدة والقطع الفريدة – وهو أمر أساسي للأجواء الرائعة الجديدة. ولم تعد المنتجات الأكثر طلبًا هي حقيبة Chanel  ذات الإصدار المحدود، بل أصبحت القفاطين الملونة من Moja Majka والبنطلونات المنقوشة الملونة الفضفاضة من Lasuna  والفساتين المطبوعة المنقوشة من Nasiba Hafiz ، وقمصان التيشيرت من Arwa Al-Banawi والتي تحمل شعارات مختلفة. وهذا ليس سوى عدد قليل من أشهر المصممين السعوديين الناشئين الذين زرعوا بذور أعمالهم لتنمو وتزدهر في السوق الإقليمية من خلال صالات العرض الخاصة بهم أو تجار التجزئة مثل Homegrown Market، وهو متجر متعدد الأقسام تم إنشاؤه ليكون بمثابة منصة للمصممين العرب لتساعدهم على النمو والازدهار.

 

وفي أبريل 2016- في نفس الأسبوع الذي تم فيه الإعلان عن رؤية 2030 – شاركت Vogue Italia في استضافة حفل خيري جنبًا إلى جنب مع Rubayiat – أحد أكبر متاجر التجزئة للسلع الفاخرة في البلاد – في محاولة لدعم وعرض تصميمات مصممات الأزياء السعوديات. وكانت بعض الأسماء الفائزة Chador و Haal Inc و Fyunka. وكانت مصممة واحدة فقط من ضمن الفائزات قد درست في جامعة بارسون في نيويورك، أما باقي الفائزات الآخريات كن قد درسن في مؤسسات التصميم المحلية. وفي أبريل 2018، شهدت المملكة أسبوع الموضة العربي الأول حيث جاءت جميع الشخصيات البارزة في مجال الأزياء والموضة إلى الرياض. وقد تم الكشف عن العديد من القطع الرائعة التي تشبه الجواهر، من التصاميم المستوحاة من الثمانينيات إلى التصميمات الانسيابية وكذلك البدلات النسائية للمرأة القوية العملية وملابس السهرة الغريبة. وقد تضمنت القائمة مشاعل الراجحي وملابس السهرة المزينة بالجواهر من رزان العزونى، والأزياء المحتشمة الأنيقة من Sotra

 

وفي عام 2019، تم إنشاء لجنة الموضة التابعة لوزارة الثقافة لرعاية وتمكين ودعم الموجة الجديدة من المواهب في مجال الموضة. وعلى الفور تم إطلاق Fashion Futures ، وهو أول حدث مخصص للأزياء والموضة  في البلاد مدته 3 أيام، حيث شاركت بعض من أكبر الأسماء في صناعة الأزياء العالمية مثل حليمة عدن وإيريس فان هيربن وجايلز ديكون في المحادثات وحلقات النقاش وورش العمل التي تناولت الثورة الرقمية والتنمية المستدامة والأزياء المحتشمة.  وقد كان هذا محاولة لتشجيع الحوار بين المواهب السعودية المحلية في مجال الأزياء وصناعة الأزياء العالمية، كنوع من التبادل الثقافي الدولي ليساعد المواهب السعودية على التعلم من أفضل المصممين في هذا المجال. ويتم بذل المزيد من الجهود لدعم المصممين المحليين بما في ذلك تعزيز قدرات الإنتاج المحلية لجعل علامة “صنع في المملكة العربية السعودية” علامة تدل على أعلى مستوى من الجودة.

مع كل هذا الدعم، يصبح من المحتم بعد ذلك أن تجعل صناعة الأزياء السعودية المزدهرة من الرياض عاصمة للموضة. ونحن نشهد بالفعل اتجاه للملابس المحتشمة في جميع أنحاء العالم من بيوت الأزياء الراقية مثل Dolce & Gabbana و Oscar de la Renta الذين بدأوا في صنع العباءة والحجاب وتقديم مجموعات رمضان التي يتم إصدارها لمرة واحدة. ولا يمكن إنكار حجم السوق والقوة الشرائية في البلاد حيث تسارع العديد من العلامات التجارية الدولية لتثبيت أقدامها هنا. أضف إلى ذلك شعور المستهلكين المحليين بالفخر بالمصممين المحليين الناشئين ورغبتهم وحماسهم لدعمهم، فلابد أنهم سيفوزوا. فترقبوا صعود نجمهم.

 

بقلم تمارا أبو خضرة، مؤسسة ومديرة  Homegrown Market